هو أول من ابتكر التأليف المعجمي، وهو مخترع علم النحو الذي لقّنه لتلميذه سيبويه، وهو مخترع علم الموسيقى المعرفية التي جمع فيها أصناف النظم وهو الذي وضع تشكيل الحروف العربية، وقد كانت من قبله لا تشكيل واضح لها، فسهّل بذلك تلاوة القرآن فنال أجرا عظيما، حتى قيل إن عصره لم يعرف أذكى منه، وأعلم وأعف وأزهد: إنه الخليل بن أحمد الفراهيدي.
وهو أبو عبد الرحمان الخليل بن أحمد، الأزدي، البصري، الفراهيدي والأزد قحطانيون، ويروى أن أزد السراة أفصح العرب. ويقول أصحاب التراجم أن أباه أحمد أول من سمي بأحمد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت ولادته في سنة مائة للهجرة.
أشار بعض الكتاب إلى انتمائه الشيعي، وذكر آخرون أنه إباضي
والثابت والله أعلم أن الخليل، وهو أزدي عُماني، وأهل عمان إباضية، فلذلك نشأ نشأة إباضية لأنه ولد في بيئة إباضية وعاش في كنفها، ووفد البصرة صغيرا وهناك تعرف على علماء جدد وغير موقفه.
ويعتمد أصحاب هذا الرأي على الرأي المنسوب إلى إبراهيم بن إسحاق الذي يقول " كان الخليل يرى رأي الإباضية حتى منّ الله عليه بمجالسة أيوب"
وأيوب هذا هو أيوب بن تميمة السختياني البصري، تلميذ الحسن البصري الذي وصفه بأنّه سيد شباب أهل البصرة، وكان سيد الفقهاء وأشدهم اتبعا للسنة. له نحو ثمان مائة حديث، توفي سنة 131 ه (ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج1 ص79)
وهذا ما اثبته وعضده الأصمعي الذي قال: "كادت الإباضية تغلب على الخليل حتى منّ الله عليه بمجالسية أيوب"
كما أثبت العسقلاني في "تهذيب التهذيب" أن علماء اللغة من أهل البصرة كلهم أصحاب أهواء ما عدا أربعة "كانوا أصحاب سنة، هم أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب والأصمعي
وقد عرف الخليل بالزهد والصلاح والإنقطاع إلى العلم، كما عرف بالعقل والحلم والوقار وهو ما جعله يترفع عن المناقشات المذهبية وهذا ما يرجح احترام كل اصحاب العقائد له ومحاولة نسبته إليها.
وذكر ياقوت الحموي في معجم الأدباء أن الخليل كان يحج سنة ويغزو سنة.
قال تلميذه النضر بن شميل: أقام الخليل في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين، وأصحابه يكسبون بعلمه الأموال. وكان يشجع على العلم وعدم التقيد باستاذ واحد فهو يقول: لا يعلم الإنسان خطأ معلّمه حتى يجالس غيره.
وقال أيضا: أكمل ما يكون الإنسان عقلا وذهنا إذا بلغ أربعين سنة، وهي السن التي بعث الله تعالى فيها محمّدا صلى الله عليه وسلم، ثم يتغير وينقص إذا بلغ ثلاثا وستين سنة، وهي السن التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصفى ما يكون ذهن الإنسان في وقت السحر.